من يهودية الدولة حتى شارون
Azmi Bashara
Kitabın ÖnizlemesiHakkında
من يهودية الدولة حتى شارون
في كتاب “من يهودية الدولة حتى شارون” (الواقع في 390 صفحة، عن دار الشروق، 2005) استعراض مباشر لمرجعيات التناقض داخل الديمقراطية الإسرائيلية، لا يقتصر على قراءة نقدية للنظام السياسي الإسرائيلي، ولا للنظرية الديمقراطية الإسرائيلية، ولكنه يقدم نقدًا فيه ما يجعله نقدًا عمليًا وسياسيًا، وفيه ما يمكن الاستناد إليه نظريًا وفلسفيًا.
يبدو الكتاب من البدء متسقًا مع مشروعه، بأن يقدم بحثًا جديًا، لا يسعى إلى تحويل الإسرائيلي إلى موضوع يمكن تمثيله فحسب، مناكفًا علاقة القوة التي يحوزها الباحث الإسرائيلي في دراسته للمجتمع العربي الفلسطيني. ولا يريد تقديم نموذج معاكس للاستشراق الإسرائيلي فيكتفي بكونه استغرابًا، كما يوضح في المقدمة، بقدر ما يريد تقديم وجهة نظر عربية فلسطينية مفقودة في هذا النقاش. فلا ينظر عزمي بشارة في الكتاب إلى دراسة المجتمع الإسرائيلي كآخر منفصل كما يفعل البحاثة الغربيون مع المجتمعات الأخرى، ولكن بصفته متعلقًا بمصائر الفلسطينيين وقضيتهم، سواء كمجتمع نقيض، أو باعتباره النموذج العملي والإجرائي لإقصاء الفلسطينيين واستبدالهم. وإذا كان هناك دليل واضح على ما نقوله، فهو أن “في كل موضوع (من مواضيع الكتاب) يحضر العرب والفلسطينيون” (ص8).
يقدم الكتاب معلومات عامة عن المجتمع والنظام السياسي الإسرائيلي، تمهد للقارئ أرضية لعرض مقولة الكتاب الأساسية، وتضعه أمام السجالات التي تخوضها الأقلية العربية في إسرائيل. قبل أن يبدأ بتقديم محاججته عن تناقض الديمقراطية الإسرائيلية من خلال مستويين.
المستوى الأول هو أن الديمقراطية الإسرائيلية تخلط بين مفاهيم، يتعارض الربط بينها مع بنية النظرية الديمقراطية، مثل الدين والقومية، إضافة إلى التعريف البدائي للأمة أو الشعب على أساس هجين بين العاملين السابقين. ولا يتعلق هذا الفصل حسب بشارة بالقوانين أو غيرها من تفاصيل نظام الحكم، بقدر ما يتعلق بأساسات الديمقراطية الإسرائيلية، وأساس تناقضاتها، وهو ما يشرحه الكتاب ويصفه باستفاضة. وتندرج تحت هذا المستوى، عوامل أخرى مثل العقيدة الأمنية الإسرائيلية، والثقافة التي تحملها الدولة في إسرائيل كدولة استعمار.
عمومًا فإن هناك مستوى ثانيًا لهذا التناقض حسب بشارة، متعلقًا بيهودية الدولة، فليست إسرائيل ضمن الإصرار على يهوديتها، دولة لكل مواطنيها، لهذا السبب ولأسباب أخرى تفقد المواطنة فيها معناها الأولي الجامع في الدولة القومية الحديثة. ما يعني “أن الدولة ترى لذاتها مهمة أيدولوجية في إقناع هؤلاء –غير اليهود– أن لهم دولة غير الدولة التي يعيشون فيها عليهم أن يبادلوها الولاء وأن ينتقلوا إليها” (ص21).
تعجز الدولة بالتالي عن التخلي عن مهمتها السياسية في تصنيف مواطنيها كفئات مرغوب بهم، أو غير مرغوب بهم، فتعجز أن تلبي شرطًا من شروط الديمقراطية، أي المساواة.
بعد عرض هذا التناقض، يستعرض بشارة في الكتاب اختلاف نموذج الديمقراطية المتناقضة في إسرائيل عن نماذج أخرى معروفة، فهو إذ يرى فيها نموذجًا استعماريًّا، فهو يؤكد أن هذا التناقض ليس تناقض دولة الاستعمار الأم، التي تتغنى بديمقراطيتها بينما تمارس أشكال قمع مختلفة على مستعمراتها، ولكنه نموذج مختلف متعلق بأصل وفكرة الدولة في إسرائيل وبنائها. ويقترح الكتاب فيما بعد مفهمة خاصة لحالة إسرائيل، من خلال ما أظهره من تناقضات وتمييز في تعريفها للأمة والمواطنين، حيث يستخدم مفهوم الأبرتهايد الكولونيالي، الذي يأخذ من نموذج الاستعمار التقليدي، ومن نموذج التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، أسوأ ما فيهما
عز الدين التميمي