يوميات هرتزل
Vael Vakem
Kitabın ÖnizlemesiHakkında
يوميات هرتزل
إن الحديث عن فلسطين التي تجتاز اليوم مرحلة أخطر وأدق من كل المراحل التي مرت بها فلسطين ومر بها الصراع من أجل رد المحاولات الاستعمارية والصهيونية لفصلها عن مسارها العربي الإسلامي والحضاري في هذا السياق سياق العروبة والإسلام، والصراع اليوم بدا وكأنه يأخذ منحى جديدا يتصور فيه الصهاينة أنهم على بعد خطوات من إنهاء القضية وتحقيق جزء مهم من الحُلم الأساس لدى الصهيونية في تأسيس دولة الشعار (من النيل إلى الفرات).
وفي سياق هذا الصراع الذي يبلغ اليوم كما قلنا مرحلة صعبة بدت أشواطه وهي كما كانت منذ ما يزيد عن مائة وعشرين سنة منذ 1879 عندما عقد المؤتمر الصهيوني المُؤسس برئاسة صاحب المشروع “هرتزل” وقد شاءت الصدف وشاء القدر أن يكون هذا الصراع وعلى رأس الدولة العثمانية سلطان آمن بقدسية أرض فلسطين وآمن بأن الجهاد في سبيل الدفاع عنها أمانة في عنقه تستمد جذورها لا من السلاطين العثمانيين فقط ولكنها في أصلها وأبعادها تعود إلى فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه لبيت المقدس وفي الأصل الأصيل الوارد في سورة الإسراء في الحديث النبوي الشريف، وقد قدمنا في الحديث الأخير وفي هذا المدخل بالذات الرسالة التي وجهها إلى شيخه (أبي الشامات) وأوضح فيها موقفه وموقف الصهيونية ومن تحالف معها من المسؤولين الأتراك ووعدنا بالعودة إلى الموضوع، وذلك بالعودة إلى نص كتبه “هرتزل” بنفسه يسجل فيه المجهود المالي والسياسي والإعلامي الذي يلتزم به اتجاه الدولة العثمانية فيما إذا قبل السلطان السماح بهجرة اليهود إلى فلسطين وانطلاق مشروع الدولة الصهيونية هناك، والنص كما ورد في مذكرة “هرتزل” النص العربي ما يلي كتب معد المذكرات وهو يتكلم عن رسالة سابقة لهرتزل:
«تمتاز تلك الرسالة بما فيها من كذب وادعاء يناقض واقع الحال. كتب “هرتزل” فيها:
«صحيح إن ما نريد إنما هو في صالح الشعب اليهودي، لكنه سوف يخدم في تجديد القوى الفعالة في الإمبراطورية العثمانية وفي تمديدها.
بادئ ذي بدء، يجب ألا يؤخذ كتابي «الدولة اليهودية» كشكل حاسم للمشروع. إني أول من يعترف أن فيه الكثير من العقائديات. وقد نشرت الفكرة، وكنت آنذاك مجرد كاتب بسيط، دون أن أعلم كيف يستقبلها الشعب اليهودي. وأفضل برهان على ذلك هو أنني اقترحت الإقامة إما في الأرجنتين أو في فلسطين. لكن الحركة اليهودية الجديدة أخذت، منذ آنذاك، شكلا مختلفا بالمرة. وأصبحت عملية وممكنة. إننا نراعي الظروف، ونريد أن نعمل عملا سياسيا جيدا، وعملا مخلصا وقديرا.
فيما يلي تلخيص للحالة: إذا منحنا صاحب الجلالة السلطان لظروف الضرورية لإسكان شعبنا في فلسطين، نؤمن للاقتصاد التركي النظام والازدهار بالتدريج. حالما يقبل الطرفان هذا المبدأ ينصرفان إلى التفاصيل.
إن من السهل أن نرى أن الراغبين في إضعاف الإمبراطورية العثمانية وتفتيتها هم أعداء خطتنا. وأعداؤنا أيضا هم الذين يريدون امتصاص دماء تركية بقروضهم الشرهة. ذلك لأن الحكومة بواسطتنا، سوف تستعيد سيطرتها على موارد البلاد. وسوف تبعث البلاد من جديد.
ليس كلامي هذا ألفاظا فارغة. سوف تتاح لجلالة السلطان الفرصة للاقتناع بذلك إذا شرفنا بإرسال ممثل عنه إلى المؤتمر الصهيوني الذي سينعقد في ميونخ من الخامس والعشرين إلى السابع والعشرين من آب 1897. بإمكان ممثل صاحب الجلالة أن يحضر اجتماعاتنا كلها، وفي هذه الاجتماعات وحدها نستطيع أن نبرهن له البرهان الساطع على طاعتنا.
غير أننا –وهذه نقطة يجب التشديد عليها– لا نريد أن نعمل على تهجير شعبنا إلى فلسطين قبل أن ننجز أولا الإجراءات مع الحكومة التركية. صحيح أن شعبنا تعيش في عدة دول. إلا أن ذلك لا يبدل في الوضع. لا نريد أن نستبدل حالة البؤس الحاضرة بحالة أخرى قبل التأكد منها. يجب أن تكون الحالة الجديدة حرة وواضحة…
يصبح المهاجرون اليهود إلى فلسطين رعايا لصاحب الجلالة السلطان على شرط حصولهم على حق مطلق بحماية أنفسهم بأنفسهم.
ويعطوا حق شراء الأراضي بدون أي قيد. ولا يمكن أن تكون مسألة “اغتصاب” أحد أبدا. فالملكية حق خاص لا يمكن التنكر له. أما ممتلكات السلطان الخاصة فيدفع ثمنها نقدا حسب قيمتها، إذا شاء بيعها.
أما من حيث مسألة «حقوق الشعب» في الإجراءات فإن تقدمات اليهود ستصبح ضريبة سنوية تدفع لصاحب الجلالة. سنبدأ بضريبة مئة ألف جنيه، مثلا، تزداد نسبيا، أي بنسبة الهجرة، إلى أن تصل مليون جنيه سنويا.
واتندا على هذه الضريبة نستطيع أن نضمن قرضا. وسوف تضمن هذه الضريبة الكميات الضخمة المودعة التي حدثت عنها سابقا، عدة مرات، ولا أريد هنا أن أعيد ما قلته قبلا، يا صديقي العزيز، أكثر من مرة: وهو أن حل المسألة اليهودية إنما يتضمن تقوية تركية. إن نشاط اليهود وأهميتهم، تجاريا وماليا، معروفان جدا. إنه نهر من الذهب،والتقدم، والحيوية، يحوله السلطان نحو تركية حينما يسمح بدخول اليهود، الذين هم أصدقاء تركية منذ القرون الوسطى. ومع تصحيح الشؤون المالية، يتوقف تدخل الدول المتستر بحجج مزورة، وينتهي «الدين العام» وينقطع «مص الدم». (ص: 550 في الأصل الانجليزي ص:55 وما بعدها من النص العربي).
إنها الوعود في النمو والاستثمار وقضاء الديون وتقديم الخدمات الإعلامية والسياسية وهو ما لا يزال الصهاينة حاليا يمنون به المطبعين والسائرين في طريق التطبيع.
وكما فعلنا في المدخل أعلاه فإن صلب الحديث سيتضمن نصوصا أخرى تؤكد فيما ورد في النص أعلاه في حوار “هرتزل” مع المسؤولين الايطاليين ومع رئيس الكنيسة الكاثوليكية البابا في روما.